أيّها القوم بقلبي سَرَفُ

يجرعُ السّمّ و لا يعترفُ


مسّه في العيش غصباً تلَفٌ 

 زاده في البؤس حظٌّ تَلِفُ


وكأنّ الحزن يغدو كنَفًا

واسعًا إن ضاق عنه الكَنَفُ


ستر الحزن كعوراتٍ وما

لبث الحزن به ينكشفٍ


وله في الشّعر خطبٌ جَلَلٌ

مهجةٌ سالتْ وحبرٌ يَكِفُ


كاد ممّا بثّه في شعره

صامدُ السّطر به ينخسفُ


كلّ بيتٍ قاله يبكي وإن

كان في دمع البُكا يختلفُ


هكذا يبقى وتبقى نفسه

تُنصفُ الشّعر ولا تنتصفُ


حامَ من حول الحمى في حَيرةٍ

يلمسُ الذّنب و لا يقترفُ


وسط بحرٍ يلتوي في زورقٍ

يبصر الماء ولا يغترف


ما له لو يطلبُ الشّمسَ الّتي

لا تُخبّا في السّما، تنكسف


أسَفًا يفنى ولا يفنى به

نبضه الواشي وقلبٌ أسِفُ


من رآه في ميادين الهوى

ظنّ أنّ الدّمع منه كلِفُ


وبه شيءٌ كعشقٍ، إنّما

دون معشوقٍ لحاه الشَّغَفُ


سهمُ حربٍ نصله من بؤسه

خانه في الدّرب حتّى الهدفُ


أسند الرّأس على خيباته

حين لم تسنده يوماً كتفُ


وله دمعٌ كزهّاد رأوا

خدّه صومعةً فاعتكفوا


عفّة يذوي وبعض العفّةِ

مثلَ سكّينٍ عليها تقِفُ


لم يذق حلوَ العفاف مثل من

روحه في جسمه ترتجف


ترتجي بُقيَا ولا تبقى، كما

ترتجي قذفًا ولا تنقذِف


قيل قلبي قد غدا شيخًا وقد

هدّه في بدء عمري الخَرَف


الّذين زرعوا وردًا، لمَ

غير جنس الوردِ ظلمًا قطفوا؟ 


شوّهوا وجهي برسمٍ هائرٍ

وعنِ الحقّ وعنّي عزفوا


يا فؤادي لا تمتْ غمًّا ففي

بعض تشويه الوجوه شرفُ 


عفّة المرء وليدٌ معه

 هبةً تأتي لا تُختَطَفُ


والّذي لمّا يُعلَّمْ لغةً

ظنّ أنّ الياء فيها ألِفُ