إلى فاطمة رحيم..

أحبّ ذكر علاقاتنا العاطفيّة مع الرّجال، حتّى تلك الوهميّة. أريدُ أن أصارحك بشيء قذر، حتّى الإله لا يحبّ هذا الكلام
أحبّ استغلال الرّجال، وجعلهم مادةً أدبيّة في قصائدي النّثرية، ولو استطعت ذلك مادياً ما قصرت. لكنني أرفض بل أستحقر أن يستغل أي كاتبٍ امرأة لهذا الدّافع. أحبّ وصفك لهذه الحالة "استغلال بريء" وأمّا هم أصفهم "استغلال خبيث".
إلى الآن أضحك على الرّسالة، ربّما قرأتْ عن "فرجينيا وولف" وعلاقتها الغرامية الحميمية بالكاتبة

"فيتا ساكفيل". أليس من الجميل أن ننفجر من الضّحك على أشياء لم نتخيل يوماً أن تقال عنا؟
آهٍ، كم أشتهي لو تصلني رسالة وتشجعني على الاعتراف بالحب لمشهورٍ مثلاً أو بأنّ لي علاقة مع وزير الثّقافة أو رجلٍ سكيّر ومقامر وزير نساء، فأنا لستُ فتاة صالحة؛ لأحلم بفضيحة يباركها العالم مع رجلٍ متدّين. لماذا مثل هذه الرّسائل لا تحدث؟
دائماً كنتُ أتخيّل نفسي "صحافيّة"، أو أعمل في "الإخراج المسرحي"، لسببٍ واحد:
الصّحافة؛ لأتحدّث عن مأساة الصعاليك والمتسكعين والمحرومين من قطعة صغيرة من قلب الحمار حتى، وكيف كنتُ أحسب عدد حبات الأرز لعائلتي وقت الطّبيخ، والكره المتواصل على أبناء الطبقة البرجوازية، عشتُ حياتي أراقب والدتي وهي تخدم في البيوت، وأشاهد أبي كيف يبكي سرّاً؛ لأنّه لا يستطيع تزويج بناته من عائلاتٍ ذات سمعة حسنة. أتتذكرين حينما أخبرتك عن إعجابي الشّديد بقصة "نجيب محفوظ" التي تحملّ ذات اسم مجموعته القصصية "بيت سيئ السّمعة"؟ هذا البيت كان بيتي وحدي، ولا علاقة لخواتي المسكينات بالأمر، وحدي من تمردت على كل شيء، والآن بقيتُ بمفردي بالكامل.
أمّا "الإخراج المسرحي" فحلمتُ دائما بجعل الشّر يتغلب على الخير. أتذكر مرّة أخذت دوراً تمثيلياً بالجامعة امرأة شريرة، فلم يعجب أي أحد؛ لأنّ ملامحي كلّها بريئة وطفولية.
وحدها الكتابة من أنصفت أحلامنا يا عزيزتي، فبينما أنتِ حلمتِ بأن تكوني"نادلة في حانة رخيصة"، كنتُ أنا نادلة لكل كائن سخيف في هذا العالم الحقير.
تعالي، لأقتل أنا كل من تحت السّماء حتّى الهواء والماء، وأنتِ انشري قصائد الحب في كل مكان، فنحن نكمل بعضنا.
على الهامش:
هذا اليوم أشعلت سيجارتين خارج الحمام، على السّجادة التي تصلي عليها والدتي.