محمد الباقر - يكتب 'أدب الرسائل' (إلى ماريا عموري)
عَزِيزَتِي ماريا، أقرؤكِ السَّلام، وَالكثير مِنْ الوّد، على أمل أن تكوني بخير، اكتُب لكِ مِنْ عمق الحُزن الغامض الَّذِي يجتاحُ أضلُعي مِنْ حيث لا أعلم، مِنْ هذهِ الزاوية المُعتمة كما لو أنها جوفي، أما بعد؛ أنا أملك إيمانًا حقيقًا، بِتِلْكَ الرسائل الَّتِي تخرُج مِن القلب بعفوية صادقة وَسلسة، سَأُجيب علىٰ تساؤلاتكِ دُون أيَ فلسفة أو تحيُز.
أما بشأن سؤالكِ"هل يتحطم الرجال مثلما نفعل نحن النساء حين تتم خيانتهم أو تركهم دون سبب وجيه؟" فأنتِ هُنا أجبتِ علىٰ نَفْسكِ دُون الحاجة إلى أن تسمعي كلامي البتَّة، رُبما يبدو كلامي غير واضح بعض الشيء، سأخبركِ؛ لقد فعلتِ ذلك حين ذكرتي كلمة"رَجُل" وَالرجال يملكون مِن المشاعر وَالحب ما يكفي لأن يكسو العالم كله بالطمأنينة.
الأمر هُنا إن البعض يخلط بين كلمة"رَجُل" وَكلمة"ذكر" أما الذكور أو أشباه الذكور فَهُم كُثر جدًا، مَن يعيثون بقلوب النساء فسادً وَغدرًا دُون أن يشعروا بَذَّرةٍ واحدةٍ مِن الأسى، يظنون ذلك مُجرد لَهْوٍ وَلعب، مُجر شهواتٍ يتم تفريغها في أي مكان يجدوه مُناسبًا، وَحين يُصيبهم الخذلان أو يشعرون بالخيانة، يذهبون للبحث عَن فريسة آخرى، وكأنها جولاتٍ مِن بطولة الفيفا لا أكثر، وللأسف يظنون أنفسهم رجالٌ حقًا، وأنهم بهذهِ الأفعال قد دخلوا موسوعة"غينيس" وَيالا حماقتهم حين يأتي الحب، ليعبث بهم كما يشاء، وَيالا حماقتهم حين يقعون في مصيدة أمرأةٍ ذكية، سيتحولون فِي لمح البصر إلى فأر تجارب لا حول له ولا قوة، وَلأصدقكِ القول، فهم يستحقون ذلك جدًا.
أما أن كان سؤالك يخص الرجال الذين يعشقون بكل جوارحهم، مَن ينظرون إلى الأنثى كما لو أنها أُمًا لهم قبل أن تكون مُجرد حبيبة، فَهُنا، تختلف المشاعر وَالأحاسيس، وَمعنىَّ الحُب ذات مرةٍ كتبت"كُل رجل في هذهِ الحياة يحتاج إلى علاقة حُب واحدة على الأقل في حياته، فَحينما تُحِب بِشكل عفوي ستبدأ بانتقاء ألفاظك أمام من تعشق فقط لكي تظهر أمامه بصوره لائقة، وبعد فترة يتطور الأمر لتبدأ بتعديل مظهرك وجميع تعبيراتك، وكأنكَ ولدت مِن جديد، لِذَلك مِن تحبها ستكون أمٌ لم تلدك، ستربيك بطريقتها الخاصة، دُون أن تشعُر ذلك، لتجد نفسك في نهاية الأمر اصبحت شخص لا تعرفة، لكنهُ شخص ناضج، بغض النظر عن نجاح أو فشل هذهِ العلاقة"
حين يُخذل الرَجُل، وَلنضع تحت كلمة"رَجُل" مليار خط، أو يُترك دُون سببٍ واضح، يشعُر أن الحياة قَدْ توقفت عِند تِلكَ اللحظة الَّتِي تلقى فيها الصفعة، دُون أي مقدمات، سَيُغلق الباب أمام نساء العالم أجمع، سيلعن الحياة وَمَنْ فيها، سيظن نفسه، خائبًا، يملك نقصًا فِي تكوينه، وَربما تصل تِلكَ الظنون إلى أمه وَاخته، سَيُشيد حصونًا مِن الخوف بينه وَبين الجنس الأخر، يجد نفسه، فِي دوامة مِن"هل أستحق كل هذا" تتوقف الطمأنينة أمام أرصفة روحه دُون أن يتخذ أي خطوة نحوها، يتحول إلى إنسان حذر فِي تعامله حتى مع نفسه، لن يتخذ مَن أحدٍ رفيق له سوى الليل وَالكثير مِنْ الحُزن، سيصبح فِي نهاية الأمر باردٌ وَمُهشمٌ كقِلادة سحبت مِن رقبت جُندي قبل الدفنِ.
-----
-للتواصل بخصوص النشر اضغط هنا
إرسال تعليق
0 تعليقات